الثلاثاء، 7 يناير 2014

عودة اتوبيس التصويت.. بقلم د. محمد محسوب

في عهد مبارك كان يمكن للشخص ان يصوت في اي لجنة انتخابية.. فكان يكفي الحزب الوطني ان يملأ عدة اتوبيسات ببعض بلطجيته ليدور على اللجان واحدة تلو الاخرى ليدلي نفس الاشخاص بصوتهم عشرات المرات..
اثبتت محكمة النقض ذلك في احكامها ببطلان انتخابات عشرات النواب المزورين.. لكن المجلس كان سيد قراره..
واذا علمت ان في الاستفتاءات يجري تحصيينها من الطعن فيها بالتزوير فالامر ايسر.. 
ربما قال قائل ان الحبر السري يمنع ذلك.. عليك يا سيدي ان تراجع التاريخ الاسود لأحبار مبارك الزرقاء..
وعندما اصدر الرئيس الانقلابي تشريعه الجديد بحق الناخبين في التصويت خارج محال اقامتهم.. تذكرت الرئيس مرسي وهو يشدد على رفض ذلك عندما عرضت عليه لجنة الانتخابات اصدار مثل هذا التشريع..
فارق بين رئيس يعبر عن إرادة الشعب فيبحث عن تحري النزاهة وآخر يعبر عن ارادة انقلاب دموي فيلهث خلف فتح كل الطرق أمام التزوير..
واضحكني تصريح رئيس لجنة الانتخابات انهم سيتخذون الاحتياطات لمنع التزوير.. فكل استفتاءات مبارك التي اشرفوا عليها وآخرها تعديل م 76 اقسموا ايمانهم انها نزيهة..!! اتذكرون؟!
اهلا بعودة اتوبيس التصويت.. فلا قيمة له لأن استفتاءات الانقلابات لا اساس قانوني ولا اساس اخلاقي لها.. فمهما زادت اتوبيسات تصويتكم لن تكسبوا شرعية لان الدماء التي اهرقتموها ستسقطكم..

السبت، 22 سبتمبر 2012

أيها الثوار لا تحموا البلطجية ... معتز بالله عبد الفتاح


فارق كبير بين أن تكون ثائراً وبين أن تكون ثورجياً وبين أن تكون بلطجياً؛ الثائر ثار وضحى ويضحى من أجل مجتمع أكثر عدالة وأكثر حرية وأكثر مساواة، وهؤلاء مخلصون لا يريدون جزاء ولا شكوراً.
أما الثورجى فله غرض شخصى لأنه كان يريد شيئاً ولم يحصل عليه، أو أنه لا يرى ذاته فى أن يعيش فى الظل. وما يجعله فى النور هو أن يظل الفعل الثورى مشتعلاً بالحق أو بالباطل، حتى إن لم يوجد من يستحق أن نثور ضده (بعد).
أما البلطجى، فهو ليس ثائراً أصلاً، هو «أجير عنف» مستعد أن يسرق وأن يقتل وأن يحرق لصالح من يدفع أكثر. البلطجى فى ميدان التحرير يفعل ما يفعله البلطجى على الطريق الدائرى أو فى المناطق النائية: تحويل فائض العنف إلى عائد منافع له مقابل مادى يحصل عليه، وكأنه مقاول دماء.
ولكن المشكلة أن بعض إخواننا الثورجية يعتبرون أن أى فعل جماعى معارض للسلطة بحق أو بدون حق هو عمل شريف ونبيل مهما أريقت فيه الدماء أو تكبد فيه المجتمع الخسائر، هم يتحدثون عن حقوق الفقراء ولا يعلمون أنهم يوقفون قدرة المجتمع على أن يقف على قدميه من جديد ليبدأ فى الحركة من أجل مستقبل أفضل للجميع بمن فيهم الفقراء.
الثائرون يعرفون متى يعارضون ومن يعارضون وكيف يعارضون: يعارضون حين يكون عائد المعارضة أكبر من خسائرها، يعارضون الاستبداد وليس السلطة، يعارضون سلمياً وليس بالطوب والمولوتوف.
الثورجية يعارضون من أجل المعارضة، ويعتبرون أن التريقة والسخرية والشتيمة والسباب فى المنتديات الإنترنتية الوقود الذى ينبغى أن يتحول إلى طاقة غضب مع اشتعال أول عود ثقاب.
البلطجية هم عود الثقاب القادر على أن يحرق ويحترق وكأنهم يدافعون عن قضية حق.
هى حالات أربع: أن نفعل الصح بطريقة صحيحة (النجاح فى الامتحان بدون غش)، أو أن نفعل الصح بطريقة غير صحيحة (أن ننجح فى الامتحان بالغش)، أو أن نفعل الخطأ بطريقة صحيحة (سرقة بنك ناجحة) أو أن نفعل الخطأ بطريقة خطأ (سرقة تنتهى بالقبض على القائمين بها).
أزعم أننا مبدعون فى الثانية والثالثة بأن نخلط الحق بالباطل والصواب بالخطأ، فلا تعرف كيف تقول لشخص ما أنا متعاطف مع قضيتك ولكننى رافض لطريقتك، لأنه لا يقبل هذا التفكير المركب. هو يريدك إما معه تماماً، حقاً كان أو باطلاً، أو ضده تماماً. وهذا من تمام الانهيار الفكرى الذى نعيشه، حيث البشر إما أن يفهموا (فيدخلوا علمى رياضة)، أو يحفظوا (فيدخلوا أدبى)، مع أن الحفظ والفهم خاصيتان بشريتان تجتمعان عند كل البشر بالضرورة، لكن فى مصر الإنسان إما أن يفهم أو يحفظ، إما إخوانى أو علمانى، إما أهلاوى أو زملكاوى، إما عبقرى أو حمار، إما موالٍ للنادى الذى أشجعه وبالتالى يشتم معى مشجعى الأندية الأخرى بالأب والأم وبسب الدين، أو مشجع للنادى المنافس فلا بد من أن يسب بأسوأ الألفاظ.
وبما أن البلطجية يضربون فى الشرطة فهم من وجهة نظر الثورجية طليعة العمل الثورى الذين لا بد أن ندعمهم بالمال وقنابل المولوتوف حتى يقضوا تماماً على جهاز الشرطة، وصولاً إلى دولة بدون شرطة، وساعتها لا أعرف ما البديل.
هناك إصلاحات كثيرة مطلوبة فى جهاز الشرطة وفى الكثير من أجهزة الدولة، لكن هذه مسألة تحتاج دراسة وتخطيطاً قبل اتخاذ أى قرارات. وليس من المنطق فى شىء أن يكون البديل المتاح أمامنا كلما اختلفنا أن نلجأ للعنف إلا إذا كان هذا ليس عنف ثوار، وإنما عنف ثورجية يريدون خصخصة الثورة، أو بلطجية يريدون تدميرها.

الخميس، 19 يوليو 2012

الجميع مرتبكون ... بقلم : فهمى هويدى


ثلاث مشكلات تواجه القوى السياسية التى تصف نفسها بالمدنية فى مصر، الأولى أنها قائمة على مجموعة من الأكاديميين والهواة، الثانية أن حضور مؤسسيها على شاشات التليفزيون وفى الفضاء الثقافى والإعلامى أكثر من حضورهم على أرض الواقع. الثالثة أنهم يعرفون ما يخاصمونه ويرفضونه، لكنهم لا يعرفون ما الذى يقبلون به. أعنى أنهم يعرفون ما يريدون هدمه ولكن ليسوا على اتفاق على ما يريدون بناءه.

المشكلة الأولى تشترك معهم فيها التيارات الإسلامية، إذ الجميع حديثو عهد بالممارسة السياسية، صحيح أن التيارات الإسلامية لديها أعداد كبيرة من الدعاة الذين يعتلون منابر المساجد كل أسبوع، فضلا عن أن لهم حضورهم المشهود فى الكثير من المناسبات، لكن الدعاة غير السياسيين، وكل طرف له لغته وأساليبه وجهوده. مع ذلك فليس هناك شك فى ان الجماعات السياسية الأخرى التى برزت بعد الثورة كانت جاذبة لأعداد كبيرة من الأكاديميين من ذوى التوجه العلمانى واليسارى، إلى جانب العناصر العلمانية الأخرى بين المثقفين والفنانين. وهؤلاء وهؤلاء انخرطوا مع جموع الثوار واندفع بعضهم باتجاه الاصطفاف الذى أفرز الاستقطاب الحاصل. وكان الهواة فى الصف الأول منه. ولأنهم جدد فى الساحة فقد كانوا الأكثر تطرفا والأقل استعدادا للحوار أو التلاقى مع الآخرين. وذلك جانب فى الصورة يهدد بتعطيل الاجماع الوطنى.

المشكلة الثانية من مخلفات النظام السابق الذى قام بتجريف الساحة السياسية ولم يسمح لأى فصيل سياسى ان يعمل وسط الجماهير إلا بإذن منه. فى ذات الوقت فإنه كان يؤثر تحويل الأحزاب إلى مجرد «ديكور» يتم التجمل به، الأمر الذى أحدث فراغا هائلا بعد سقوط النظام، حيث اكتشفنا أن ذلك البلد الكبير لا توجد به أحزاب حقيقية، وحين دخلنا فى طور الترشح للانتخابات صارت شاشات التليفزيون هى الساحة الوحيدة التى يتنافس عليها السياسيون. وترتب على ذلك ان الناس شاهدوا صور اللاعبين السياسيين واستمعوا إلى كلامهم، لكنهم لم يختبروهم فى أى وقت. ولم يصادفوهم على أرض الواقع، فى الوقت الذى كانت التيارات الإسلامية لها معاقلها وفى مقدمتها المساجد، إضافة إلى الجمعيات الخيرية التى ظلت تديرها، غير ما تيسر من الأنشطة الخدمية الأخرى. وقد أثبتت التجربة أن الذين يعيشون مع الناس يظلون أقرب إلى قلوبهم عن أولئك الذين يرونهم على شاشات التليفزيون. وهو ما يفسر ضمن أسباب أخرى. حصول الإسلاميين من إخوان وسلفيين على أكثر من 70٪ من مقاعد مجلسى الشعب والشورى، فى حين كانت حصة المجموعات السياسية الأخرى متواضعة فى تمثيلها. وما يلفت النظر فى هذا السياق أن تلك الجماعات السياسية مازالت متحصنة ببقائها فى القاهرة، ومكتفية بالحضور فى الفضاء التليفزيونى. ولم تلحظ لها جهدا يذكر فى التلاحم مع الناس، علما بأن هؤلاء وغيرهم لاتزال أمامهم فرصة واسعة للنزول إلى الشارع وإعداد أنفسهم للمشاركة فى انتخابات المجالس المحلية، التى تمكنهم من إثبات جدارتهم بالتفاعل مع المجتمع، وهو الاختيار الذى إذا نجحوا فيه فإنه يمهد الطريق أمامهم لكسب ثقة الناس وإقناعهم بأنهم حقا «خير من يمثلهم». الأمر الذى يمكنهم من منافسة التيارات الإسلامية فى الساحة التى استأثروا بها طويلا.

المشكلة الثالثة معقدة لأنه من الواضح حتى الآن أن تلك الأحزاب المدنية لا يجمع بينها سوى معارضة التيار الإسلامى أو كراهيته من قبل البعض، وفيما عدا ذلك فقلوبهم شتى، إذا استخدمنا المصطلح القرآنى. وقد أبرز الدكتور سامر سليمان هذه النقطة فى مقاله الذى نشرته له جريدة «الشروق» يوم الأحد الماضى 8/7، إذ تحدث عن اصطفاف تلك المجموعات فيما سموه التيار الثالث، وذكر أن مؤسسيه مختلفون حول فكرته. فمن قائل إنه وسط بين الإخوان والعسكر وكأنه كيان يفصل بينهما فقط. وقائل إنه ضد الاثنين، وقال ثالث ان التكتل ليس ضد التيار الإسلامى فى حين أن ذلك وحده ما يجمع بين الشيوعيين والعلمانيين المشاركين فى التكتل. الرابع قال انه تحالف مدنى اجتماعى مع ان أحد أبرز أركانه اعتبره حزبا رأسماليا.. وهكذا. وقد علق الكاتب على هذه الصورة بقوله انها مجموعة «كسيحة» من الناحية السياسية.

الصورة ينبغى ألا تكون مصدرا للإحباط واليأس، لأنها تعكس حالة الارتباك المتوقعة فى بداية تأسيس النظام الديمقراطى. وفى مرحلة كهذه لا ينبغى أن تتوقع نشوء أحزاب جديدة كاملة الأوصاف. وإنما يتعين علينا أن نصبر بعض الوقت لكى تتيح لمختلف القوى السياسية ان تصوب مسارها بما يسمح للجماعة الوطنية بأن تنضج مشروعها وتتماسك لتسهم بشكل جاد فى تأسيس النظام الديمقراطى الجديد، ومن ثم تنشغل بمستقبل الوطن بدلا من الاستغراق فى التجاذبات الراهنة التى تعطل التقدم فى ذلك الاتجاه.

الأحد، 15 يوليو 2012

لماذا قررت الهجرة..؟


قررت أن أهاجر بعقلى خارج مصر، فهجرت مشاكل الرياضة التافهة التى لاتنتهى، مثل مناقشة البديهيات. والمساومة على الأخلاق والمبادىء. وغموض إقرار لائحة اتحاد كرة القدم. فيعلن أنها أقرت ثم يعلن كل يوم أنها لم تقر. هجرت إذن قرار عمرو زكى بالهجرة من الزمالك فى يناير المقبل. ونظرت خلفى فلم أجد أن عمرو زكى أعطى للزمالك شيئا منذ يناير الماضى. وهجرت هذه المساومة بين نواب شيكابالا وبين الزمالك.. واعتبار الزمالك هو شيكابالا، كأنه لويس الرابع عشر الذى قال: «أنا الدولة والدولة أنا».. وأسفت لتلك الهتافات ضد حسن شحاتة، وأسفت أن اللاعب لم يعتذر علنا لمدربه كما طلب منه، وأسفت أن يكون الاعتذار المطلوب إنتصارا لشيكابالا على الزمالك.. وسوف أضيف نفس الجملة السقيمة السخيفة: هذا مع تقديرى لموهبة شيكابالا، واعترافى أنه لاعب فنان يملك قدم بوشكاش اليسرى وعقل جارينشا..!

قررت أن أهاجر بعقلى خارج مصر، بحثا عن الرياضة الحقيقية، فاستمتعت بكأس الأمم الأوروبية، وببطولة ويمبلدون وبقراءة مئات الصفحات عن الألعاب الأوليمبية، وقصص أبطالها وبطولاتهم.. وعندى قصة واحدة كمثال من ألف قصة، تجسد القيم الجميلة للرياضة، فرغم حصولها على المركز السابع والثلاثين فى الماراثون، وقف مائة الف متفرج يصفقون تحية للعداءة السويسرية جابريلا أندرسون، التى دخلت الاستاد الرئيسى وهى تتعثر وتتألم وقد أصابها الشلل بعد أن قطعت أكثر من أربعين كيلو مترا فى درجة حرارة مرتفعة بلغت 39 درجة، ورغم ذلك وبإرادة حديدية تعكس روح الكفاح عند الانسان قطعت جابريلا أندرسون المسافة الباقية سيرا على الاقدام وسط تشجيع خرافى من الجماهير حتى أنهت السباق، ونالت من الاحترام والتقدير والتصفيق ما لم تنله الفائزة الأولى، بل إن أحدا لا يذكر اسم بطلة ماراثون لوس انجيليس، ولا احد ينسى اسم البطلة السويسرية جابريلا أندرسون.. لا أحد ينسى النضال بشرف!

هكذا وجدت فى الهجرة بعيدا عن الرياضة المحلية وعندما وقفت خلف نافذة موصدة، ومحصنة بستائر، وزجاج عاكس، وعروق من الخشب، وواربتها ونظرت خلسة، وشوقا ومن باب الفضول لأرى أين وصلت الرياضة المصرية، رأيت ألتراس الأهلى يقتحم تدريبات الفريق، ويحتج على خلع اللاعبين لشارات الحداد، ويحتج على إدارة النادى، ورأيتهم يتساءلون: كيف يحتفل اللاعبون؟

هم يعلمون جيدا أن الاقتحام سلوك مرفوض، وأنه لايوجد حداد للأبد وإلا لكان واجبا على مصر كلها أن تتشح بالحداد على 1300 مصرى غرقوا فى العبـَّارة السلام بسبب الإهمال ولافارق عندى بين ضحايا العبـَّارة وبين ضحايا كرة القدم، ومن أسف هناك آلاف غيرهم يقتلون كل عام على الطرقات وفى الشوارع فى حوادث مروعة لأنه لايوجد قانون، وتوجد فوضى لامثيل لها.. ومع ذلك وعلى الرغم من ذلك، الحياة تمضى، ولايعنى أن الحياة تمضى أن يتوقف السعى للحقوق.. وحق ضحايا مأساة استاد بورسعيد لايمكن فرضه بالاقتحام، ولايمكن الحصول عليه بدون القانون.. أما حكاية الفرحة فإننى أسأل كل من اقتحم تدريب الأهلى: ماذا فعلت حين سجل جدو هدف الفوز على مازيمبى الغانى؟

أجب بمنتهى الصدق والأمانة.. أكرر بمنتهى الصدق والأمانة!

الخميس، 12 يوليو 2012

مصر بين الدولة العميقة واللادولة .... بقلم : د/ معتز بالله عبد الفتاح


لم أستخدم كثيرا مصطلح «الدولة العميقة» فى أى من تحليلاتى للأوضاع السياسية فى مصر بحكم أنه يعبر فى سياقه التركى عن مجموعة من التحالفات النافذة والمناهضة للديمقراطية داخل النظام السياسى التركى، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل أجهزة المخابرات (المحلية والأجنبية)، والقوات المسلحة التركية والأمن والقضاء واللصوص. وفى السياق التركى أيضا، يُستخدم المصطلح ليحمل دلالات مختلفة؛ فهى عند اليساريين دولة عميقة مناهضة لحقوق العمال والمهمشين، وعند الإسلاميين هى دولة علمانية ومناهضة للدين، وعند الكرد هى عنصرية ومناهضة لحقوق الأقليات.. وهكذا.
وما يبدو لى أن مصر ما بعد الثورة لا تواجه مأزق «الدولة العميقة»، هى تواجه مأزق اللادولة؛ بمعنى أن مؤسسات الدولة إما غائبة وإما غائبة بسبب نقص فى القيادة التى تجعلها قادرة على القيام بمهامها. ولو كان لى أن أوضح فكرتى أكثر لاستعنت بقانون نيوتن الأول (Law of Inertia) الذى يقول: إن الجسم الساكن يبقى ساكنا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية فتحركه، والجسم المتحرك بسرعة ثابتة فى خط مستقيم يبقى على هذه الحالة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية فتغير الحالة الحركية له. ويسمى هذا القانون قانون القصور الذاتى.
ما يحدث فى مصر أن الأجهزة البيروقراطية لا تحركها قوة خارجة عليها؛ لأن هذه القوة لم تقُم بدورها بعدُ فى تحريك أجهزة الدولة فى الاتجاه الصحيح وهو خدمة المجتمع والقيام على إصلاحه. القوة الخارجية يفترض أن تكون الرئيس المنتخب شعبيا والحكومة المنتخبة شعبيا والبرلمان المنتخب شعبيا والمجالس المحلية المنتخبة شعبيا والدستور المقر شعبيا.
لا يوجد جهاز بيروقراطى له أيديولوجية «عميقة»، وبالذات فى دولة مثل مصر؛ حيث تحولت بقرارات فوقية من ولاية عثمانية إلى سلطنة ثم مملكة ثم جمهورية اشتراكية معادية للغرب وإسرائيل ثم جمهورية شبه رأسمالية موالية للغرب معترفة بإسرائيل بقرارات ارتبطت برأس الدولة.
رأس الدولة يكون قادرا على احتواء مؤسسات الدولة وأجهزتها البيروقراطية بمهارات شخصية وبدعم جماهيرى يجعله رئيس كل المصريين، ويكون العلاج بالصدمات جزئيا وتجاه أشخاص محددين (وليس أجهزة كاملة)، وبتحييد عناصر المقاومة المحتملة الأخرى، وعلى أسس قانونية مدروسة بعناية، وبعد اكتساب رصيد شعبى يسمح لصاحب القرار أن يسحب منه.
وهو ما يجعلنى مضطرا لأن أقول: لا يكفى أن نفعل ما هو صحيح، ولكن ينبغى أن نفعله بطريقة صحيحة؛ فصواب الهدف لا بد أن ينعكس على صواب الوسيلة. لا أعرف من الكاسب من جملة القرارات والقرارات المضادة التى خرجت على المجتمع من الرئاسة ومن المحكمة الدستورية وما سيخرج علينا من جهات أخرى، لكن أعرف أننا سنخسر جميعا إن لم نعرف أن الرشد فى استخدام الصلاحيات والسلطات من متطلبات عودة الدولة الخادمة للشعب، وليست الخادمة لفئة أو عدد من أفراد جهاز الدولة.
لو كان الأمر بيدى، لما أثرت قضية مجلس الشعب مرة أخرى، وركزت تماما على استنهاض المجتمع لتنفيذ وعود المائة يوم الأولى، وعملت على تشكيل حكومة من أفضل العناصر الوطنية بغض النظر عن الانتماءات الأيديولوجية والحزبية، ولتوقفت تماما عن الدخول فى معارك جانبية تبعد الرئاسة عن مهمتها الأصلية، وهى أن تكون القوة الخارجية التى تدفع المجتمع بعيدة عن السكون الذاتى الذى تعيشه. سيادة الرئيس، ارفع رصيدك الشعبى قبل خوض معاركك السياسية. الترتيب مهم، أو هكذا أظن.

الأحد، 8 يوليو 2012

أهل الفتى وأهل الرأى ... بقلم : د/ معتز بالله عبد الفتاح


هذا كلام قديم، مع الأسف، أتصور أنه بحاجة لتجديد.
ما رأى حضرتك: هل الأفضل أن نتوسع فى الاستثمار فى توشكى أم الأفضل نقل الاستثمارات إلى مشروع آخر؟ لحظة واحدة من فضلك. توقف عن قراءة هذه السطور. فكر فى السؤال السابق. أغمض عينيك لمدة 10 ثوانق أو أكثر: اختر إجابة. إن كنت تستمر فى القراءة ولم تغمض عينيك وتفكر ثم تختار إجابة، فأرجوك افعل ذلك الآن.
أتوقع أن حضرتك الآن عندك إجابة عن السؤال السابق.
هذه الإجابة ربما تكون «نعم» أو «لا» أو اختياراً ثالثاً. أياً ما كانت الإجابة، السؤال الذى أسأله لحضرتك: على أى أساس اخترت الإجابة السابقة؟ هل عندك معلومات كافية عن المشروع؟ هل تعلم كمّ ما تم إنفاقه حتى الآن؟ هل تعلم المستهدف والمتحقق؟
إذا كانت الإجابة «لا» للأسئلة السابقة، فهل ممكن أسأل حضرتك: «بتفتى ليه؟»
لماذا لا تكون إجابتك: لا أدرى، اسألوا أهل الذكر لأنى لا أعلم؛ أو سأسأل حتى أعرف؟
سامحنى عزيزى القارئ، أنت أعزّ علىّ من ألا أصارحك بأننى ومعى كثيرون عادة ما نقع فى هذا الخطأ: خطأ أن نجيب على ما نجهل، ثم نبدأ فى البحث عن الأدلة التى تدعم وجهة نظرنا التى بنيناها على إجابة خاطئة أصلاً، ثم نغضب ممن اختار من الأصل الإجابة الصحية وكأنها إهانة مباشرة لنا أن شخصاً آخر يعرف ما لا نعرف.
أن أجيب بما لا أعلم: هذا اسمه «جهل»، وأن أبحث عما يدعم وجهة نظرى الجاهلة: هذا اسمه «تكبر»، وأن أرفض وجهة نظر أخرى أكثر علماً وخبرة وتخصصاً من وجهة نظرى لأنه لا يصح أن أكون على خطأ: هذا اسمه «خطر».
جهل + تكبر + خطر = كارثة.
ونحن لا نريد لبلدنا أن تكون ضحية هذه التركيبة الكارثية، صح؟
سنحاول مرة أخرى:
ما رأى حضرتك فى إقامة المفاعل النووى فى منطقة الضبعة أو فى جنوب محافظة السويس؟
أغلق عينيك، فكر قليلاً، اختر إجابة. ماذا كانت الإجابة هذه المرة؟
هل قلت: «علىّ أن أقرأ أكثر فى الموضوع؟» هل قلت: «استناداً للمعلومات الصحيحة التى استقيتها من الكتاب كذا وكذا، أو من الصحيفة كذا وكذا، فأنا أعتقد كذا وكذا»؟ هل قلت: «الله أعلم. ولكن أحب أن أتعلم»؟
لو لم تكن فعلاً مطلعاً على أبعاد موضوع المفاعل النووى المصرى، فلا مشكلة أو عيب على الإطلاق أن تتخير أياً من الإجابات السابقة.
سؤال ثالث:
ما رأى حضرتك فى الشكل الأمثل للنظام الانتخابى فى مصر: الفردى، القائمة النسبية المفتوحة أم المغلقة، المشروطة أم غير المشروطة، أم الجمع بين أكثر من نظام من النظم السابقة؟
أغلق عينيك، فكر قليلاً، اختر إجابة. ماذا كانت الإجابة هذه المرة؟
سؤال أخير: هل الأفضل أن نبطل «فتى» وأن نسأل أهل الذكر والتخصص قبل أن نتخير مواقفنا؟
الرأى ينبغى أن يكون مبنياً على حد أدنى من معلومات من مصادر موثوقة أما «الفتى» فهو أن يكون الإنسان مرجعية نفسه بلا أى إحساس بالذنب.
جاء فى الأثر: «لا يزال المرء عالماً، ما طلب العلم، حتى إذا قال علمت، فقد جهل».

الخميس، 21 يونيو 2012

للثورة وليس للإخوان ... بقلم : فهمى هويدى


البعض يريد تصوير الأزمة الراهنة التى تمر بها مصر الآن باعتبارها اشتباكا بين المجلس العسكرى والإخوان، وكأنه حلقة فى الصراع الدائر منذ نحو ستين عاما بين السلطة و«الجماعة المحظورة». وهو تصوير مضلل يراد به التعتيم على حقيقة الانقلاب الذى شهدته مصر فى «خميس النكوص» الفائت (14/6)، الذى كان فى حقيقته تعطيلا لمسيرة الثورة، وتنصيبا لولاية العسكر وتحقيقا للتوريث بإخراج جديد. إذ بدلا من أن يتم التوريث فى إطار الأسرة، أريد له أن يتم فى إطار القبيلة.

وقبل أى استطراد فى الموضوع، أذكر بأن ما قلته ينسحب على البعض وليس الكل، ذلك أنه إذا كان هناك من وقع فى المحظور ورحب بالانقلاب لسبب أو آخر، ففى المقابل هناك آخرون كانوا أكثر وعيا وبراءة، فلم تخدعهم الإشارات المضللة وكان بمقدورهم أن يدركوا الحقيقة كما هى، ومن ثم فإنهم رأوا فى الانقلاب خطرا على الثورة، وأعطوا الاشتباك مع الإخوان حجمه الطبيعى، باعتباره عرضا جانبيا وليس محركا أساسيا.

إذا أردنا أن نتصارح أكثر، فمن جانبى أقرر أن ما حدث فى خميس النكوص سيئ الذكر لم يشوه حلم الذين تعلقت آمالهم بالثورة فحسب، ولكنه أفقدنا الثقة فيما يصدر من قرارات، بحيث ما عاد بمقدورنا أن نفترض فيها البراءة التى غلبت على تقدير كثيرين منا خلال الشهور التى مضت. ولما حدث ذلك، فإن هذا الشعور دفعنا إلى إعادة قراءة الأحداث التى وقعت أثناء تلك الفترة من منظور جديد، لنخرج منها بقراءة وانطباعات مغايرة. وهو ما يكاد يقنعنا الآن بأن المجلس العسكرى قرر أن يحكم، ولم يعد مكتفيا بإدارة المرحلة الانتقالية. التى بدا أجلها مفتوحا إلى مدى لا يعلمه إلا الله. تجلى ذلك فى موقفه الذى لم يتغير إزاء السلطة المدنية التى نصَّبها من البداية إذ ظلت مجرد أداة للمجلس العسكرى، لا تبادر ولا تقرر ولكنها تنفذ ما يريد المجلس، فى استنساخ لأسلوب مبارك فى الحكم، الذى ظل طول الوقت يعتبر الوزراء سكرتارية له، ورئيس الوزراء ليس سوى السكرتير الأول. ولم يعد سرا أن الحكومات التى تشكلت بعد الثورة لم تختلف عن سابقاتها من هذه الزاوية.

لقد سقطت الأقنعة ورفعت الأستار يوم خميس النكوص، الذى وجه فيه المجلس العسكرى سلسلة من الضربات الموجعة التى عصفت بالآمال المعلقة على استمرار المسيرة وتسليم إدارة البلد إلى السلطة المدنية المنتخبة فى الثلاثين من شهر يونيو الحالى. وكانت خلاصة الرسالة أو مجموعة الرسائل التى تلقيناها منذ ذلك الحين تقول إن المجلس العسكرى فوق السلطة وليس جزءا منها، ولأنه انتخب نفسه فليس لأحد عليه ولاية، ثم إن هناك فرقا بين وجاهة السلطة وممارستها. والوجاهة من نصيب المدنيين المنتخبين. أما إصدار القرار، فإن لم يكن بيد المجلس العسكرى فللأخير حق الاعتراض عليه. ومن لا يعجبه ذلك فالمحكمة الدستورية ــ التى صارت إحدى أدوات المجلس العسكرى ــ هى الحل.

المشكلة الآن أن النظام الديمقراطى الذى قامت الثورة لتحقيقه أصبح فى حده الأدنى مشروعا مؤجلا، وحلما معلقا فى الفضاء. كما اننا اكتشفنا بعد ستة عشر شهرا من الثورة أن نظام مبارك أصبح يطل علينا من جديد، بشخوصه حينا وأدواته وقيمه فى أحيان عدة، ولا مفر من أن نقرر أن العراك الذى ظل يدور بين القوى السياسية طوال الأشهر التى خلت ودخل فى طور العبث حين قسم البلد إلى قوى مدنية وأخرى دينية، كان فخا كبيرا وقع فيه الجميع. ذلك أنه شغلهم واستهلك طاقاتهم فى الوقت الذى كانت تنسج فيه من وراء خيوط الدولة البوليسية، التى لا هى مدنية أو دينية.

للأسف فإن تلك الغيبوبة مازالت مستمرة عند البعض، ممن لم يفيقوا بعد من صدمة الإجراءات الأخيرة. وهؤلاء هم الذين لايزالون يتوهمون أنها أزمة بين المجلس العسكرى والإخوان، ويروجون لمزاعم انتهاء شهر العسل بين الطرفين، غير مدركين أن الثورة وأهدافها والقطيعة مع النظام السابق، هى جوهر الخلاف، وكل ما عدا ذلك فروع ونوافل.

أدرى أن ثمة أناسا آخرين مهمومون بإقصاء الإخوان وتصفية الحساب معهم بأى ثمن، ولأجل ذلك فإنهم لا يبالون بهزيمة الثورة وانتكاسها. وليس لنا كلام مع هؤلاء، لأن لهم معركة لا شأن لها بالوطن ومصيره. ذلك أن خطابنا موجه فقط للذين لايزال لديهم بقية من بصر أو بصيرة جعلتهم يحبون الوطن بأكثر مما يكرهون الإخوان.

الجمعة، 15 يونيو 2012

كأنك ما غزيت! .... بقلم : فهمى هويدى


حين تتزامن الدعوة إلى مقاطعة التصويت على الانتخابات الرئاسية المصرية مع تصعيد الحملة على المرشح الدكتور محمد مرسى، فإن ذلك لا يدع مجالا للشك فى أن المقاطعة تخدم منافسه الفريق أحمد شفيق.
لم يصرح أحد بذلك بطبيعة الحال، ولكن أى تحليل منطقى يوصل إلى تلك النتيجة. خصوصا إذا وضعنا فى الاعتبار طبيعة وحجم القوى التى تقف وراء كل منهما. وهو ما نبهت إليه التغريدة (التويته) التى نشرتها صحيفة «التحرير» أمس (10/6) وسخر فيها صاحبها (أحمد منعم) من الدعايات التى تروج هذه الأيام قائلا (بالعامية التى توليت صياغتها بالفصحى): لو انتخبنا مرسى فلن نستطيع ان نخلعه لأن وراءه جماعة، أما إذا انتخبنا الفريق شفيق فإن ذلك سيكون سهلا للغاية، لأن الذين وراءه ليسوا سوى الجيش والشرطة وأمن الدولة والحزب الوطنى والمخابرات: (لم يذكر جهاز الإدارة ولا الإسرائيليين والأمريكان أو دول «الاعتدال» العربى التى تحالفت مع مبارك).
 سلط الشاب صاحب التغريدة الضوء على نقطة إما غابت عن كثيرين أو أن البعض تكتمها وحرص على ألا يلفت الانتباه إليها. ذلك أن الصراع فى الحملة الانتخابية الراهنة يدور فى حقيقة الأمر بين الماكينة الدعائية والإعلامية إضافة إلى الجموع الموالية لكل من المرشحين. وهذا الصراع يستهدف الملايين الواقعة فى الوسط، ولم تصوت لهذا المرشح أو ذاك. وهناك وسيلتان لجذب أو إبعاد تلك الملايين. واحدة تدعو إلى المقاطعة وإبطال الصوت، والثانية تعمّد تشويه أحدهما للآخر.. وهو ما لم يقصر فيه الفريق شفيق.
 فكرة المقاطعة تنطلق من رفض المرشحين الاثنين بعد وضعهما فى كفة واحدة، واعتبار أن كلا منهما أسوأ من الآخر. وذلك تصور مغلوط معرفيا وقاصر سياسيا. وكنت قد ذكرت من قبل أنه حين قامت الثورة فإن الدكتور مرسى كان فى السجن، بينما كان الفريق شفيق على رأس الحكومة. من ثم فإن المساواة بينهما لا تفرق بين السجين والسجان، ثم إن الأول كان واقفا فى مربع الثورة، فى حين كان الثانى منخرطا فى قمع الثورة. ناهيك عن أن تغريدة الشاب التى ذكرتها كافية فى التدليل على القوى التى تقف وراء كل منهما.
 من الناحية السياسية، فإننى استغرب موقف بعض المثقفين والرموز السياسية الذين قاموا بتبسيط المسألة وقرروا الإضراب عن التصويت، واختاروا الجلوس فى صفوف المتفرجين بحجة أنهم لا يريدون المشاركة فى «إثم» التصويت لأى منهما. وهو أمر لا يستقيم ولا يفهم حين يتعلق الأمر بمصير الوطن ومستقبله، بل ومصير الثورة ذاتها. ذلك ان الاختبار الحقيقى للسياسى لا يكون بتخييره بين الجيد والردىء أو بين الأبيض والأسود. حيث ذلك أمر بمقدور كل أحد. ولكن كفاءته تقاس بقدرته على التميز بين ما هو سىء وأسوأ، والقبول بالسىء مؤقتا لتجنب مضار الأسوأ.
 إننى لا أتصور سياسيا فى موقع المسئولية يواجه موقفا من ذلك القبيل، فيؤثر الانسحاب ويغادر الساحة لكى يقعد فى بيته. وهو إذا فعلها فإنه بذلك يعلن عن قصور خياله السياسى وعجزه عن اتخاذ القرار فى المواقف الصعبة.
 إن النتيجة الطبيعية للمقاطعة أو إبطال الصوت هى إضعاف الطرف المنتسب إلى الثورة، وترجيح كفة الطرف الممثل للثورة المضادة. ليس ذلك فحسب وإنما إذا استمرت الأمور على ذلك النحو، فإننا سوف نعيد إنتاج معادلة الصراع بين السلطة والإخوان المستمرة منذ أكثر من 60 عاما. وسنجد أن أغلب عناصر العلمانيين والليبراليين واليساريين قد عادوا إلى موقفهم التقليدى الذى انحاز إلى صف الاستبداد للسلطة، مدفوعين فى ذلك بكراهيتهم للإخوان، ومسقطين من حسابهم أية مصلحة وطنية عليا. بل وغاضين الطرف عن الممارسات البائسة للسلطة على صعيد السياسة الخارجية، وقد تابعنا إرهاصات تلك السياسة فى خطاب الفريق شفيق، الذى بدأ مشتبكا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومهادنا لإسرائيل، التى لم تخف حفاوتها البالغة باحتمالات انتخابه رئيسا لمصر لتستعيد بوجوده «كنزها الاستراتيجى».
 إذا أطل الناظر على الساحة السياسية المصرية الآن فسيجد فيها ثلاث قوى هى: الحزب الوطنى الذى لاتزال له امتداداته فى أرجاء مصر ــ والإخوان ــ وقوى الثورة. وإذا جاز لنا أن نمد بصرنا إلى ما بعد السنوات الأربع الأولى التى هى مدة الرئاسة، فسوف يتراءى لنا مشهدان، إذا انتخب الدكتور محمد مرسى فستكون القوى الموجودة فى الساحة هى الإخوان وقوى الثورة. أما إذا انتخب الفريق شفيق فإن ذلك سيؤدى إلى تنشيط مختلف عناصر الرفض وأركان الثورة المضادة، مستغلة فى ذلك إمكانات الدولة لتثبيت أقدامها وتصفية أو قمع قوى الثورة المضادة، الأمر الذى سيسفر بعد السنوات الأربع عن مشهد تختفى فيه قوى الثورة، وتتم استعادة المواجهة بين الإخوان والحزب الوطنى ــ وكأنك يا أبوزيد ما غزيت! 

الخميس، 3 مايو 2012

عبث يدعو للشك ... بقلم : فهمي هويدي

المظاهرات والاعتصامات الحاصلة فى القاهرة الآن بعضها يبعث على الحيرة والبعض الآخر يثير الشك والارتياب، فى توقيتها ودوافعها ومقاصدها. فنحن نعرف الآن أن ثمة اعتصاما أمام وزارة الداخلية لأعداد من أمناء الشرطة، وهناك اعتصام آخر فى ميدان التحرير، اشتركت فيه مجموعات عدة بعضها غاضب على المجلس العسكرى (أسر الشهداء)، والبعض الآخر عاتب على المجلس ويطالب برحيله.


وثمة اعتصام ثالث فى العباسية يحاول أن يبعث برسالة إلى وزارة الدفاع والمجلس العسكرى، تحتج على إخراج السيد حازم أبوإسماعيل من السباق الانتخابى، وتطالب بإنهاء حكم العسكر، والمطلب الأخير جذب تجمعات أخرى من حركة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين وغيرهما. ولا يخلو الأمر من وجود أعداد من العاطلين الذين وجدوا فى الانضمام إلى المظاهرات والاعتصامات «عملا» لهم يداوم بعضهم فيه كل صباح.

لأنصار المرشح السابق حازم أبوإسماعيل حضور واضح بين جماعة ميدان التحرير وأغلبهم منخرط فى اعتصام العباسية. وهؤلاء من السلفيين الهواة، الذين لا يجمعهم تنظيم بذاته، وإنما هم من أتباع بعض شيوخ الحركة السلفية الذين يظهرون فى البرامج التليفزيونية أو يعتلون منابر بعض المساجد. وهؤلاء يؤمنون بأن السيد أبوإسماعيل تعرض لعملية إقصائية، توطأت فيها الحكومة الأمريكية مع الحكومة المصرية. واعتبروا أن فى الأمر مؤامرة ــ للصهاينة دورهم فيها ــ استهدفت اغتيال أبوإسماعيل سياسيا، وإخراجه من المنافسة لأنه يدعو إلى تطبيق الشريعية الإسلامية وإعلاء شأن الإسلام فى مصر والعالم العربى. وهم يتصورون أنها حرب صليبية ضد أبوإسماعيل يجب التصدى لها بكل قوة من جانب جماهير المؤمنين الغيورين على دينهم.

ساعد على إثارة المجموعات التى صدقت حكاية «المؤامرة» ضد أبوإسماعيل أن لجنة الانتخابات تأخرت كثيرا فى حسم الأمر، الأمر الذى فتح الباب لإطلاق الشائعات ورواجها. ووسع من نطاق الغضب وغذَّاه أن المتظاهرين تعرضوا لغارات واشتباكات من مجهولين أدت إلى سقوط ثلاثة قتلى وإصابة عشرات آخرين بعضهم بطلقات الخرطوش.

أثار الانتباه فى كل ذلك أن السيد حازم أبوإسماعيل والشيوخ الذين التفوا حوله وقاموا بتعبئة الشباب وتحريضهم على التظاهر إما أنهم التزموا الصمت إزاء ما يجرى أو أنهم اختفوا تماما من المشهد، كأنهم بعدما استجاب الشباب لدعوتهم احتاروا فى الأمر ولم يعرفوا ماذا يفعلون بعد ذلك. كما أنهم تحرجوا من صرفهم فتركوهم ولم يجد أولئك الشبان مخرجا من الأزمة سوى تطوير خطابهم وإضافة إنهاء حكم العسكر إلى مطلبهم، لكى يكون ذلك سببا آخر لاستمرارهم فى التظاهر والاعتصام.

المشهد يبدو عبثيا ومريبا. يتمثل العبث فى أمور عدة. إذ ليس مفهوما أن يتخذ إجراء قانونى بحق واحد من المرشحين للرئاسة فيخرج أنصاره للتظاهر والاعتصام فى الشارع لمدة أسبوعين، وتستثمر فى ذلك حالة الفوضى السائدة فى ميدان التحرير. وإذا كنا قد فهمنا ودافعنا عن خروج الناس للتظاهر فى الميدان لإعلان رأى المجتمع فى القضايا العامة، فليس مقبولا أن يوظف الميدان لصالح أية قضية خاصة، مهما كان شأن صاحب هذه القضية من العبث أيضا أن يعتصم أمناء الشرطة أمام مقر وزارة الداخلية ناهيك عن محاولة اقتحام المبنى، ذلك أننا نعرف أن وزارة الداخلية هيئة نظامية لها تقاليدها واجبة الاحترام، ثم إن الوزارة لا تختزل فى شخص الوزير وإنما هى جزء من هيبة الدولة وكيانها. أما تحسين أوضاع أمناء الشرطة أو التظلم من سياسة الوزير فله أبواب أخرى. أحدها استجوابه فى مجلس الشعب أو محاسبته أمام لجنته المختصة.

من العبث أيضا أن يتوجه المعتصمون والمتظاهرون إلى وزارة الدفاع لتوصيل رسالة يمكن توصيلها بوسائل أخرى، ولا أتخيل أن يفكر أحد فى اقتحام مقر الوزارة، الأمر الذى يعد أعلا درجات العبث واللامسئولية. من العبث كذلك أن تقف مختلف القوى السياسية متفرجة أمام ما يجرى، وكأنها غير معنية بإثارة الفوضى أو الاجتراء على هيبة الدولة.

حين تتعدد مشاهد العبث على ذلك النحو، وتتزامن مع إشعال ثلاثة حرائق كبرى فى بعض مدن الدلتا، ويحدث ذلك فى أجواء الإعداد للانتخابات الرئاسية فإن من حقنا أن نتساءل عما إذا كانت تلك مجرد مصادفة، أم إشاعة الفوضى للتذرع بها فى تأجيل الانتخابات مستهدف من ذلك التتابع. وهو سؤال يبدو منطقيا خصوصا إذا تذكرنا أن تفجير أحداث شارع محمد محمود كان الهدف منه تأجيل الانتخابات النيابية. ليست لدى إجابة على التساؤل ولكن الخبرة علمتنا أن نحذر ونرتاب لأن هناك كثيرين من الأقربين والأبعدين يتمنون للثورة أن تفشل، فى حين يمثل نجاحها كابوسا يلاحقهم طول الوقت

الجمعة، 20 أبريل 2012

الإخوان المسلمون والحملة الشيطانية ... بقلم : جابر قميحة

عاش الإخوان من سنة 1928 حتى الآن فى مواجهة لا تهدأ مع المحن، ما بين قتل وسجن وتشريد وافتراءات، ولكن الله سبحانه وتعالى كتب لهذه الجماعة أن تزيدها هذه المحن قوة على قوة، فبدأت جمعية من ستة أفراد، واتسع نطاقها من جمعية إلى جماعة، ثم أصبحت تيارًا عالميًا فى كل أنحاء العالم.


ولكن المؤسف حقًا أن نرى وسائل الإعلام المصرية فى عهد ثورتنا المجيدة وقد تحولت إلى تيار كريه يزكم الأنوف، ويهاجم الجماعة بشتى الطرق فى غلو وإسراف. 
ولنلق نظرة على العدد الأخير من أخبار اليوم ( 14 / 4 / 2012 ) لنرى السيد أحمد رجب فى كلمته يقول: "لماذا يحرص الإخوان على خلق الحذر منهم عند الناس برغم أن فيهم رجالاً محترمين، لكن العمل السرى تحت الأرض جعل من السرية أسلوب عمل وحياة، فيقولون غير ما يفعلون، وأفضى النجاح فى الانتخابات إلى فرط ثقة انقلبت إلى غرور، وجربوا السلطان فنبتت فيهم غدة تفرز استحواذًا، واستصغروا شأن الناس، وصورت لهم خمر السلطة أن الناس لا يدركون ما هو الدستور، وهل هو شىء يؤكل أو يشرب أو يدق فى الهون؟ وخاب ظنهم... إلخ". ونسأل السيد أحمد رجب أين العمل السرى عند الإخوان؟ وأين الغرور؟ وأين الاستحواذ؟ وأين استصغار شأن الناس؟!!. 


ونسى أحمد رجب أنه بمنطقه هذا لا يهين الإخوان فحسب ولكن يحقر من قيمة شعبنا كذلك. 
وفى الصفحة الأولى نفسها نجد رسمًا كاريكاتيريًا كبيرًا بعنوان "الكل كليلة" فالمرشد الدكتور محمد بديع له صورة ضخمة وهو ينحنى على يد نفسه ويقبلها، ويهتف بحياة ذاته... إلى آخره. 
وكذلك بقية الصفحات شأنها شأن الصحف المباركية التى كانت تصدر قبل الثورة، حتى سولت لهم نفوسهم أن يستعيدوا نفس الروح، ويعود حمدى رزق وممتاز القط وأمثالهما إلى سيرتهم الأولى. 
ونفس النهج تنهجه القنوات التلفازية وكثير منها يتولى الإنفاق عليها نجيب ساويرس، ورأينا إحدى القنوات تكرر مرارًا ما قاله عبد الناصر فى جمع ضخم:   
"سألت الكبير بتاعهم إنتوا عايزين إيه؟ فكان جوابه: عايزين نلبس النسوان طرح. وينخرط عبد الناصر فى قهقهات عالية: إزاى دا إنت لك بنت فى كلية الطب مش لابسه طرحة، ويأتى صوت من بعيد من أحد السوقة: يلبسوها هُمّه". ويزداد عبد الناصر سعادة. وتكرر هذه الحلقة عدة مرات فى اليوم. ثم كانت محنة الإخوان على يد عيد الناصر بعد تمثيلية المنشية التى شنق فيها عبد القادر عودة وإبراهيم الطيب وهنداوى دوير وآخرون. "وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) "  آل عمران 126 – 128   .