الثلاثاء، 17 أبريل 2012

ديمقراطية بلا ديمقراطيين ... بقلم د/ عمرو الشوبكى

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified


هو عنوان كتاب أصدره وزير الثقافة اللبنانى الأسبق، أستاذ العلوم السياسية فى باريس، غسان سلامة منذ أكثر من ربع قرن، وتحدث عن مشكلة بناء نظام ديمقراطى فى ظل غياب ديمقراطيين حقيقيين، والمقصود هنا ليس غياب الثقافة الديمقراطية وارتفاع نسبة الأمية، وهى كلها عوامل مهمة تعرقل عملية التحول الديمقراطى، إنما غياب المؤسسات الديمقراطية واحترام المتنافسين للقانون وخضوعهم الكامل لسلطانه.
والواقع أن فى الحالة المصرية توجد شكوك كبيرة فى نزاهة أى انتخابات وعدم وجود أى ثقة فى مؤسسات الدولة حتى القضاء، وصار تهديد مرشح الإخوان والشيخ حازم أبوإسماعيل بالثورة الثانية، احتجاجا على حكم قانونى وقضائى أصدرته الهيئة العليا للانتخابات، يدل على ضعف إيمان قطاع واسع من النخبة السياسية بالقانون، ويدل على حجم المأساة التى تعيشها البلاد والتحديات الملقاة عليها.
فالنزاهة المؤكدة التى أديرت بها الانتخابات التشريعية - رغم ما شابها من تجاوزات - كانت نتيجة إشراف القضاء المصرى عليها وحياد المؤسسة العسكرية والسلطة التنفيذية، وهو أمر قد يختلف فى حال وصل حزب سياسى إلى سدة الحكم واحتمال أن يؤثر على حياد مؤسسات الدولة المشرفة على الانتخابات كما جرى فى فترات سابقة. أى أن الوضع الحالى يكاد يكون مثالياً، ولن يتكرر، لأن الأطراف المشرفة على الانتخابات مازالت خارج تأثير المعادلة الحزبية.
ومع ذلك هناك حملة رهيبة تشن ضد الدولة ومؤسساتها من قبل بعض مرشحى الرئاسة، وتلقى بظلال قوية على درجة إيمانهم بالديمقراطية وعلى الطريقة التى سيتعاملون بها مع خصومهم السياسيين فى حال وصلوا للسلطة، فهل يعقل أن تجرى كل هذه التعبئة والتحريض السياسى ضد الدولة ومؤسساتها، نتيجة التزامها بالقانون، الذى نص بشكل قاطع على عدم أحقية ترشح أى مواطن مصرى لمنصب الرئاسة، فى حال ثبت أنه أو أحد أبويه يحمل جنسية أجنبية، وهو نص رغم معارضتنا له فإن احترامه أمر بديهى طالما كان نصاً قانونياً.
والمؤسف أن رد فعل الشيخ حازم أبو إسماعيل وأنصاره كان حول أحقيته فى الترشح «ولازم حازم»، بصرف النظر عما إذا كان ينطبق عليه الشروط القانونية أم لا، وبدا احترام القانون وكأنه أمر ثانوى أمام أحقية الرجل ليس فقط فى الترشح إنما فى الفوز.
وإذا كنا شهدنا اقتحام مداخل مجلس الدولة وحصار الهيئة العليا للانتخابات من قبل أنصار أبوإسماعيل فى مسألة قطعية لا تحتمل أنصاف الحلول، فإما أن والدته تحمل الجنسية الأمريكية - كما تدل كل المؤشرات - أو لا تحملها، وطالما حسم الموضوع بالأدلة والوثائق التى لا تقبل اللبس، فكيف يمكن لمرشح رئاسة أن يحرض علنا ضد قانون، وماذا سيفعل أنصاره فى حال إذا ترشح فى الانتخابات وخسر، وأى تهم يمكن أن تكال ضد القضاء، وأى ردود فعل يمكن أن نراها داخل المجتمع؟!
إن شرط نجاح أى تجربة ديمقراطية هو فى ترسخ المؤسسات الديمقراطية بصورة تفرض على غير المؤمنين بالديمقراطية ضرورة احترامها، فدولة القانون هى الطريق الوحيد لبناء الديمقراطية حتى لو كان هناك من لا يؤمن بها.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...